حاوره: ناجي الجرف
-إنّ أيّ جهدِِ في حلِِ سياسيِّ اليوم في ظلِّ الواقع على الأرض، سيكون في صالح النظام، وليس في صالح الثورة.
-الضعف الكبير في أداء الائتلاف يكمنُ في نظامهِ الأساسي.
-الشرعيةُ الوحيدة برأيي والتي أعتقد أنني أمتلكها؛ هي مدى التصاقي وسعيي وعملي لتحقيق أهداف الثورة.
-بالتأكيد عملنا الإعلامي ضعيفٌ وغير مرضٍ حالياً، لكن ذلك يعود لأسبابٍ عديدة منها ما هو مرتبطٍ بالميزانية المخصصة للعمل الإعلاميّ، ومنها بعض الضعف في اختيار الأسلوب الأمثل للخطاب المستخدم. لكننا ملتزمون بتصويب كامل العمل الإعلامي والرقيّ به.
1-ما نراه اليوم داخل الائتلاف الوطني ومؤسساته عبارةعن قوى سياسية تتصارع على سلطاتٍ وهمية، ما هي استراتيجيتكم للتعامل مع هذه الصراعات؟
الائتلاف الوطني أولاً هو ائتلافٌ بين قوى سياسية، ولكل واحدةٍ من هذه القوى توجّهٌ فكريٌّ معين وبرنامجٌ معين، فمن الطبيعي أن يكون هناك خلافاتٌ سياسية، وأن يكون هناك خلافٌ في السبل لتحقيق أهداف الثورة، ومن الطبيعي أن يكون لكل قوةٍ أو تيار برنامجُ عملٍ تحاولُ أن تسير به للوصول إلى نفس الأهداف التي نؤمن بها جميعاً. أي هناك دائما تلاقي في الأهداف وخلاف حول السبل المقترحة لتحقيقها.
المشكلة هي القبول بالآليات؛ القوى السياسية تآلفت ضمن هذا الائتلاف، لذلك عليهم أن يؤمنوا بالعملية الديمقراطية نفسها، بالنتيجة كل قوةٍ تطرح رؤيتها وبرنامجها وتحاول تسويقها بين الأعضاء، ليتم التصويت عليها واستصدار قرار. عندما يُستصدر هذا القرار، المفروض أن يكون ملزِماً لجميع أعضاء الائتلاف، لأنه يمثل الغالبية العظمى في الائتلاف، وبالتالي يعملون لدعم هذا القرار وتطبيقه في الواقع.
خلال الانتخابات التي حصلت مؤخراً لاختيار هيئةٍ رئاسية وهيئة سياسية في الائتلاف، رأيت في هذه العملية حالةً من الرقيّ، ومنافسةً ديمقراطيةً وشديدةً في ذات الوقت بين الكتل، لم أرَ مشاجراتٍ أو مهاترات، رأيت أن الجميع قبِل بالعملية، والجميع أجرى مفاوضاتٍ مجهدة وشاقة، هناك أعضاءٌ لم تكن أسماؤها موجودة ضمن أية قائمة، لكنهم سعوا ووصلوا إلى مواقع مهمة ضمن مؤسسات الائتلاف، أرى أن هذه العملية تستحق الاحترام بكل جدارة، حتى التحالفات الرئيسية لم تتمكن من أخذ كل المناصب التي كانت تستهدفها، بل على العكس؛ كان هنالك خرقٌ في كتلها، وأتت كتلٌ أخرى وأخذت قسم من هذه المواقع.
الآن إذا أخذنا قيادة الائتلاف التي تتمثل في 24 مقعداً موزعين بين الهيئة السياسية والهيئة الرئاسية، نرى أن خارطة التوزيع تشملُ كل الكتل في الائتلاف، وبالتالي هذه العملية أدت إلى فرزٍ سياسيٍّ جيد.
بالنسبة إلى الخلاف على قضايا مثل الحكومة، في أية دولة في العالم هذا الخلاف موجود، ومن الطبيعي يكون هنالك تقييمٌ لأداء الحكومة، هنالك من هو راضٍ عن هذا العمل وهنالك من هو غير راضٍ عن هذا الأداء.
القاعدة هنا أن نقبل بأن لدينا آلياتٍ ديمقراطية لكل هذه المواضيع، يتم اتخاذ قرارٍ بشأنها، هنالك هيئةٌ عامة تستجوب الحكومة وتعطيها فرصة أن تقدّم تقاريرها عن الفترة السابقة، وكل ما يتعلق بإنجازاتها والعوائق التي واجهتها، بعدها تستجوبها الهيئة العامة، ثم يتم التصويت، إما على بقاء هذه الحكومة، أو استبدال بعض وزرائها، أو اقالتها. بشكلٍ عام الآليات موجودة، كل ما هنالك أنه علينا تطبيقها بشكلٍ مؤسساتي وعقلاني.
2-إلى أين وصلت عملية مأسسة الائتلاف، وما هي العلاقة بين الائتلاف والحكومة المؤقتة وبقية مؤسساته؟
أنجزنا الكثير من المراجعات لواقع الائتلاف وعمله خلال العام الماضي، يوجد واقعٌ معيَّن تعاطينا معه بعقلانية، وبدأنا بجهدٍ داخل الائتلاف، حيث تم تكليف لجنةٍ من الهيئة العامة، كُلفت هذه اللجنة بإعادة صياغة النظام الأساسي للائتلاف، كان رأينا أن الضعف الكبير والفجوة الكبيرة للائتلاف تقع في نظامه الأساسي، والنظام الأساسي بحد ذاته يعيق العمل وتحقيق أي شيء، ميزة هذه اللجنة أنها كانت تتزامن مع وجود هيئةٍ سياسيةٍ تمثل كل كتل وتيارات الائتلاف، تمت إعادة صياغة النظام الأساسي بدءً من إعادة تعريف دور الائتلاف،إلى تعريف الهيئة العامة ودورها، إلى الهيئة السياسية والهيئة الرئاسية.
بحيث يتم تنظيم كل هيئة، ما هو دورها، وما هي حدود صلاحياتها، وما هي سلطاتها، وما هي العلاقة الناظمة بين هذه الهيئات، ومن ثم تم إيجاد ثلاث مستوياتٍ من اللجان داخل الائتلاف من أعضاء الهيئة العامة، لجانٌ تُعنى بالأمور الداخلية للائتلاف وعلاقته القانونية مع الآخرين، والتي ضمت اللجنة القانونية، ولجنة الرقابة والشفافية المالية، ولجنة العضوية. ولجان أخرى مسؤولة عن متابعة عمل الحكومة، وأخيرا لجان للتواصل وحل مشاكل السوريين، مثل رعاية شؤون اللاجئين والعناية بشؤون المنشقين ولجان التواصل مع منظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية والأحزاب السياسية.
بالنسبة لعلاقة الائتلاف مع الحكومة المؤقتة وبقية مؤسساته، يجب علينا أن نفهم أن هنالك مؤسسةٌ ومظلةٌ كبيرة اسمها الائتلاف، من هذه المظلة ولدت الحكومة المؤقتة، وكذلك الأركان، وكذلك وحدة تنسيق الدعم.
الحكومة المؤقتة هي الذراع التنفيذي الخدمي للائتلاف، وقد تمت صياغة العلاقة الناظمة بين الائتلاف والحكومة المؤقتة، وآلية تطبيق هذه العلاقة الناظمة.
3-لماذا لا تتم الدعوة إلى مؤتمرٍ وطنيٍّ جامع، تنتج عنه قياداتٌ مُنتخبة، وممثِلة حقيقية للشعب السوري؟
من المؤكد أني لا أوافقك الرأي؛ لماذا؟! لأنه لا توجد حالياً أية طريقةٍ فعليةٍ وواقعية يمكننا أن نحقق بها انتخاباتٍ حرة ونزيهة، انتخابات تعكس فعلاً حالةً تمثيليةً حقيقيةً للشعب.
أنا لست منتخباً من الشعب السوري، والائتلاف ليس منتخباً من الشعب السوري، وكذلك ثوار الجيش الحر لم يوكلهم أحدٌ بحمل السلاح ومحاربة النظام، نحن في حالة ثورة؛ الشرعيةُ الوحيدة برأي والتي أعتقد أنني أمتلكها هي مدى التصاقي وسعيي وعملي لتحقيق أهداف الثورة، إذا حملت هذه الأهداف بأمانةٍ وسعيت إلى تحقيقها وأنجزت مهمتي فأنا شرعيّ، وحين أفشل في تحقيق هذه الأهداف أو سعيت في تحقيق شيءٍ يخالف هذه الأهداف فأنا غيرُ شرعيّ، هذه هي الشرعيةُ الوحيدة التي يمكن أن نستخدمها في هذه الحالة.
هنالك كتائب من الثوار والجيش الحر التي تقاتل النظام، وتقدم للمواطنين الحماية، وتتصرف في المناطق التي تحكمها بمنطقيةٍ وأخلاق، وهنالك أيضاً مجموعاتٌ هم من أمراء الحروب، يحكمون مناطق ويسرقون وينهبون ويختطفون، هؤلاء هم من أخرجوا أنفسهم من إطار الشرعية، ومن إطار حقهم في حمل السلاح، الشرعية الوحيدة حالياً تؤخذ من خلال ما ننفذه ونسعى لتحقيقه.
4-هنالك ضعفٌ واضحٌ في العمل الإعلامي الخاص بالائتلاف وتقديمه للثورة السورية للجمهور المحلي والدولي، ما هي خطتكم في العمل الإعلامي، وهل سنشهد تغييراً في أداء المكتب الإعلامي للائتلاف؟
بالتأكيد عملنا الإعلامي ضعيفٌ وغير مرضٍ حالياً، لكن ذلك يعود لأسبابٍ مرتبطةٍ بالميزانية المخصصة للعمل الإعلامي، والقدرات التي أعطيناها للعمل بالإضافة إلى إمكانيات التغيير.
ضمن خطتنا سيكون العمل الإعلامي أولويةً لأن هناك مطلبٌ من الجميع يحضّ على تغيير وضع المكتب الإعلامي، المكتب الإعلامي سيكون أكثر مهنيةً وأكثر انفتاحاً وترابطاً مع المكاتب الإعلامية الثورية الموجودة داخل سورية.
يتوجب على الائتلاف دعم المكاتب الإعلامية الموجودة داخل سورية بالدرجة الأولى، ومن ثم يجب فتح الباب للمنشقين عن النظام والعاملين في المجال الإعلامي، وذلك لعدة أسبابٍ منها؛ أنهم شخصياتٌ تتفهم طبيعة تفكير النظام وتفهم طريقة تفكيرنا كشعبٍ سوري، هذه الأسباب تعطيهم قيمةً مضافةً كبيرةً من خلال تفعيلهم والاستفادة منهم.
5-هل تشتمل خطتكم في الأشهر الست المقبلة (فترة رئاستكم للائتلاف) التنظيم العسكري والسياسي في المعارضة السورية؟
الخطة أساسها تلازم المسارين السياسي والعسكري وتكاملهما، وهذا ما بدأنا العمل عليه.
نقوم بمراجعة الفترة الماضية في الثورة بشكلٍ كامل، سواءٌ على الصعيد العسكري أو على الصعيد السياسي، للوصول إلى لأخطاء التي كنا فعلياً مسؤولين عنها،والبحث عن طريقةٍ مناسبةٍ لتصويب هذه الأخطاء، وأهمها أن الثورة من بدايتها إلى مرحلةٍ قريبةٍ لم تكن تحمل استراتيجيةً واضحةً لعملها، وغياب الاستراتيجية أدى إلى تشتيت الجهود، وإلى السير في اتجاهٍ غير معروف، وغير واضح، في المرحلة الحالية نحن نعلم ما هي الأخطاء التي ارتكبت، وما هي الطريقة لإصلاحها، توجد لدينا استراتيجية، نحتاج أن نكون على علمٍ إلى أين نحن ذاهبون،وما هي النتائج التي نريد أن نصل إليها، خلال فترة الستة أشهر القادمة، الخطة أو الاستراتيجية لكي تكون واضحة يجب أن تكون في إطارٍ زمني، وبأعمالٍ قابلةٍ للقياس، ونضع الحلول الممكنة للمشاكل، مشكلتنا هي في إعادة تنظيم العملٍ العسكري، وإعادة تنظيم العملٍ السياسي، إعادة صياغة تعاطينا مع الوضع الدولي الإقليمي والوضع الدولي ككل، لا شك أننا نرى مواقف مختلفةٍ تجاه الثورة السورية، مواقف متناقضة، ومتغيرة، حتى ضمن الدول الداعمة للثورة السورية، فالواقع الجديد والمفروض ظهور عامل الإرهاب والتنظيمات المتطرفة بشكل ٍأكبر، مما غطى للأسف على واقع الثورة السورية، لكن علينا أن نعود ونذكر الجميع أن لبَّ وجوهرَ القضية هي قضية شعب ٍثار من أجل حقوقه الإنسانية، وحقوقه الدستورية التي سُلبت منه، وهدف الثورة هو تمكين هذا الشعب من أن يصل إلى مرحلةٍ آمنةٍ ويعيد صياغة دستوره بالشكل الذي يريده، وتمكينه من انتخاب قياداته، ومحاسبتها ان أخطأت أو إن لم تعكس إرادات شعبها، هذه هي الخطوط العامة لاستراتيجيتنا.
6-كيف ستتعاملون مع تنظيم الدولة الاسلامية، وخاصةً بعد إعلانهم دولة الخلافة؟
إن أثر الدولة الإسلامية واضح، النظام لعب على هذه النقطة منذ بدايات الاحتجاجات في سورية، فقد أعلن بشكلٍ واضحٍ وصريحٍ للإعلام أنه «لا يوجد ثورة في سورية، الذي يوجد هو تنظيمات إرهابيةٌ متشددة»!، النظام كذب الكذبة وعمل على تحقيقها على أرض الواقع، وقد نجح في ذلك.
أولاً نحن كسوريين نعد الدولة الإسلامية خطراً وطنياً أساسياً يوازي بقيمته خطر النظام.
ثانياً لا يمكن أن نقبل بالوضع الحالي، الثورة والثوار والجيش الحر بدؤوا بمحاربة الدولة الإسلامية منذ أوائل هذا العام.
7-هل سيتعامل الائتلاف مع إيران في المرحلة المقبلة؟
المرحلة المقبلة عنوانها سورية، عنوانها نحن السوريين، أن نقوم بما ينبغي علينا قبل أي شيء، وبعدها يمكننا النظر إلى الآخرين لجعلهم ينظرون إلى مصالحنا الوطنية، هذا هو الأساس.
8-هل هناك انفتاحٌ على بقية قوى المعارضة الموجودة خارج الائتلاف، مثل هيئة التنسيق وتيار بناء الدولة..؟
الائتلاف منفتحٌ على كل الأطراف المعارضة ذات البرامج الوطنية، والتي تمتلك مواقف وطنية متوافقة مع أهداف الثورة، مع كل من يريد أن يكون معنا بموضوعية، أولويتنا مصلحتنا الوطنية السورية.
9-ما هو أفق الحل السياسي مع النظام؟
حالياً جميع آفاق الحل السياسي جامدة، علينا أن لانكون واهمين، الحل في النتيجة حلٌّ سياسي، لكن السؤال هو كيف أكون في الموقع الأقوى حين أصل إلى مرحلة حلٍّ سياسي؟، الموقع الذي أتمكن وأقدر به أن أحقق أهداف الثورة؟
علينا التفكير منذ هذه اللحظة إلى اللحظة التي تفرض وجود حل سياسي، بتحسين موقعنا التفاوضي عبر تحسين مواقعنا على الأرض، اما أي حل سياسي الأن في ظل الموازين على الأرض لا يمكن أن يكون في صالحنا، سيكون في صالح النظام، وليس في صالح الثورة في ظل هذه الأوضاع الراهنة، علينا التفكير ما هي المناخات المناسبة للضغط على النظام والضغط على المجتمع الدولي للسعي إلى حلٍّ سياسي يحقق أهدافنا التي دفعنا من دمنا غالياً في سبيل تحقيقها.
اضف تعليق