عن موقع الواشنطن بوست.
إعداد: بيتر ماركس
ترجمة روز الحمصي
كان يمكن أن تكون واحدة من الأحداث الثقافية الأكثر إثارة لهذا الموسم، حيث أدت مجموعة من النساء السوريات اللاجئات من هذا البلد المحاصر، نسخة منقحة من مأساة يونانية ناهز عمرها ال 2500عام، وشملت قصصهن المروعة.
إلّا أن العرض لم يستمر؛ فلكون النساء من اللاجئات٬ رفضت وزارة الخارجية طلباتهن للحصول على تأشيرات فنانات من أجل العرض الذي تقرر إجراؤه من 18 إلى 20 أيلول، في جامعة جورج تاون؛ لأنها غير مقتنعة بأن النساء سوف يغادرن بعد العرض.
تم اتخاذ هذا القرار أثناء التخطيط لانطلاق أول تمثيل مسرحي خارج الشرق الأوسط من «سورية: نساء طروادة»، وهو عمل نظمته الصحفية وكاتبة السيناريو شارلوت إيجر، وزوجها مخرج الأفلام ويليام ستيرلينغ، والمخرج المسرحي السوري عمر أبو سعدة.
هؤلاء النساء هن من اللواتي يعشن في المنفى في الأردن، وجميعهن من الممثلات الهواة من شرائح المجتمع السوري، ومن خلفيات متنوعة ومتفاوتة. ويقول منظمو جامعة جورج تاون لهذا الحدث: أن بعضهن لم تضع قدمها على المسرح قبل العمل في هذه المسرحية. ولكنهن أردن المجيء إلى هنا؛ لإعطاء تصورهن حول حصيلة الخسائر التي أحدثتها الحرب بالنسبة لهن ولأسرهن.
تقول سينثيا شنايدر، السفيرة السابقة للولايات المتحدة الأمريكية لدى هولندا وهي الرئيس المشارك لمختبر جورج تاون للأداء العالمي والسياسة، والتي نظمت هذا الحدث: «لمن نستمع نحن؟ لدولة العراق والشام الإسلامية؟ نحن جميعاً أصبحنا في عداد المفقودين تماماً، هذا المنظور البشري حيوي للغاية من الحرب في سورية».
وأضاف عمر أبو سعده الذي تحدث عبر سكايب من القاهرة «أنا وجميع الفريق، كنا متحمسين جدا حول هذا الموضوع، والآن أصبح الأمر محزنا لأننا لم نحصل على فرصة للقيام بذلك».
قدم مسؤولو جورج تاون «سورية: نساء طروادة» كنقطة إنطلاق للاحتفالية التي ستستمر لمدة عامين والتي تعهدت بها مؤسسة دوريس ديوك الخيرية، التي تهدف إلى الحد من المفاهيم الخاطئة العرقية والدينية من خلال دراسة الثقافة، والتاريخ، السياسة في العالم الإسلامي. وهم الآن مرتبكون بسبب قرار وزارة الخارجية ويعملون بسرعة لإنقاذ الحدث بتحويله إلى محادثة مع النساء عن طريق جهاز إتصال عن بعد من عمان.
إحباط «سورية: نساء طروادة» هي ثاني نكسة كبيرة في الجهود الرامية إلى المسرح الرائد في واشنطن هذا الخريف ومن النقاط الساخنة في جميع أنحاء العالم .في وقت سابق من هذا العام، اضطرت شركة المسرح الصوفي العملاق لإلغاء مهرجان طموح من المسرحيات الجديدة من روسيا تقرر إجراؤها في أواخر تشرين الأول، بعد تراجع المسؤولون الثقافيين في موسكو عن اتفاق لتمويل الرحلة التي تضم ما يقارب 90 من الممثلين الروسيين والمصممين والمخرجين.
وبحسب جوناثان غينسبرغ، وهو محامٍ في الهجرة مقره في فيرفاكس بولاية فرجينيا، كان يعمل من قبل مع جورج تاون للتشاور حول طلب «نساء طروادة»: «إن رفض منح التأشيرات للسيدات يعكس مشكلة أوسع: وهي التدخل المتزايد لوزارة الأمن الداخلي في شؤون التأشيرات، ما بعد 11 أيلول»، وأضاف «إنها تؤثر على الفنون في جميع المجالات، والأمر الآن أكثر صعوبة مما كان عليه منذ سنوات للحصول على الموافقات على تأشيرات الفنانين».
لقد قُدمت المسرحية لأول مرة في فصل الخريف الماضي، في المركز المحلي في عمان، عاصمة الأردن.تم إجراء مقاربة مع مأساة يوريبيدز إزاء النساء الناجيات من حرب وحشية، حيث كانت الاحداث تدور عن قصص للاجئات سوريات فقد بعضهن أزواجهن وأقاربهن في سورية قبل أن يلذن بالفرار إلى الأردن.
كما وصفته إيجر في مقال كتبته لصحيفة فاينانشال تايمز، هذا الإنتاج يعتبر قفزة من «الرماح اليونانية، وأبراج إليوم إلى الغارات الجوية وقذائف الهاون والقناصة، والمنازل المدمرة في حمص».
وأثبتت التجربة الدور العميق للنساء في المسرحية، وذكر أبو سعده: «أن واحدة من الممثلات قررت قبل أيام قليلة من عروض عمان أنها لأول مرة سوف تكشف رأسها في الأماكن العامة».
وقد أضيف إلى خطط حضور العرض الأول في أمريكا الشمالية في مسرح جوندا جورج تاون بدعوة للنساء من جامعة كولومبيا لعرض إضافي في نيويورك. ولا شيء من ذلك كان مقنعا لوزارة الخارجية.
وعلى الرغم من منح تأشيرة دخول إلى أبوسعدة، الذي لايزال مقيماً في دمشق، فقد قوبلت طلبات النساء بالرفض هذا الشهر من قبل مسؤولي القنصلية في عمان.
وقال مايكل تي بوند في رسالة مسؤول وزارة الخارجية في رسالة إلى جون. ج. ديجويا أنه تم رفض طلبات النساء بموجب البند 214 ب من قانون الهجرة والجنسية. هذا جزء من قانون يتطلب من المتقدمين الإثبات بأن لديهم إقامة في الخارج وفقا لوزارة الخارجية وأنه ليست لديهم اية نية للتخلي عنها.
يوجد عائق إضافي في هذه الحالة، حيث قالت الوزارة في الرسالة للجامعة في 18 أغسطس، أنه لايوجد ضمان ثابت من الأردنيين بأنهم سيسمحون للنساء بالعودة إلى الأردن مرة أخرى.
وقال ديريك غولدمان، المدير الفني لمركز ديفيس جورج تاون للفنون الاستعراضية والرئيس المشارك مع شنايدر في المختبر إن الجهود الرامية إلى تأمين التأشيرات تتضمن الاتصال مع دبلوماسيين في الشرق الأوسط سابقين وحاليين، وحتى أن هناك ارتباطات مع الملك عبد الله الثاني عاهل الأردن «اعتقدنا أنه كان يوجد العديد من الاشياء هناك التي تصب في صالحنا».
وأضاف غولدمان: «بدون شك فإن هؤلاءالنساء يجب أن يكنّ قادرات للوصول إلى هنا مع الوضوح بأنهن سيعدن بعد انتهاء العرض».
وحول احتمال سعيهن إلى اللجوء قالت شنايدر: «أنا بصراحة اعتقد بأن أولئك النسوة لديهن أطفال صغار وأولياء أمور يعتمدون عليهن (في الأردن، ولا أحد منهن تتحدث اللغه الأنجليزية، وليس لديهن أي أتصال في الولايات المتحده، ماذا سيكون الاحتمال في ظل هذه الظروف؟».
وقال أبو سعده: «أنه علم في يوم الخميس أن الحكومة السويسرية وافقت على تأشيرات للنساء في زيارة لأداء العرض في سويسرا في تشرين الثاني، ولاشيء واضح حول إذا ماكان مسؤول القنصلية الأمريكية في الأردن سيقوم بتغيير قراره».
وكما أشار جينسبرغ باستياء، فإن قرار الضابط في البلد المعني يعكس قدراً كبيراً من السيطرة في وزارة الخارجية.
يقول جولدمان وشنايدر: «بأنهما عازمان على المضي قدما في برنامج المسرحية. في 19أيلول، حيث سيؤخذ بعين الأعتبار أمسية بعنوان «أصوات لم تسمع» ستشمل مقتطفات من فيلم وثائقي بعنوان «ملكات سورية» حول المسرحية وسيبث مباشرة من عمان وبذلك ستتمكن النساء من المشاركة».
وقد تم تشجيع أبو سعدة واثنين أخرين من أعضاء فريقه المبدعين الذين حصلوا على تأشيرات دخول، من جولدمان وشنايدر للسفر إلى واشنطن لهذا الحدث، وذلك ابتداءً من يوم الخميس، إلا أن المخرج بقي على الحياد، فلا قلب له من دون نسائه الطرواديات. حيث قال:
«مازلتُ أفكر ماهو القرار السليم».
اضف تعليق