أنيت غيرلاخ – مجلة ART
ترجمة: ليلى كريم
في السادس من شهر تشرين الأول الماضي، بدأ خبراء دوليين بالإشراف على أولى عميات تدمير الأسلحة الكيميائية في سورية. هذه المهمة التي تم تكليفهم بها من خلال القرار 2118 لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. بدا النظام السوري في حالة من الامتنان. وزير الخارجية الأمريكي أشاد بـ «موافقة دمشق» ويبدو أن التهديد بتدخل عسكري دولي بات بعيداً.
أجرت مجلة arte لقاءاً مع مدير معهد أبحاث السلام في جامعة هامبورغ، مايكل برزوسكا Mechael Brzoska، عن الآثار السياسية لتنفيذ هذا القرار.
• وفقا لخارطة الطريق للأمم المتحدة، سيتم تدميرالترسانة الكيميائية السورية، كما سيتم تدمير مواقع الإنتاج بأكملها بحلول منتصف العام 2014 هل يبدو لكم هذا المنظور واقعياً؟
-مايكل برزوسكا: هذا يبدو طموحاً لكنه ليس مستحيلاً. أولاً نحن لا نعرف حجم المهمة، في الوقت الحالي ليس واضحاً. كل شيء يعتمد على الحالة التي ستكون عليها الأسلحة الكيميائية. بعض منها سهلة التدمير ، ولكن الصعوبة يمكن أن تأتي من تلك التي يتم تحميلها على شكل ذخيرة.التحييد سيكون أصعب بكثير . والذي يمكن أن يكون أكثر تعقيداً أيضاً هو الذخيرةالمخزنة منذ سنوات. إنها يمكن أن تكون صدأة، مما يجعل التلاعب بها أكثر خطورةً. وليس من المعروف ما إذا كان المفتشين -وجميع أولئك الذين يتعاملون مع هذه الأنشطة الهدامة- يمكنهم العمل بحرية. سورية وقبل كل شيء هي بلد في حالة حرب. ومن غير المعروف حتى الآن مكان تواجد الأسلحة الكيميائية بدقة، إذا كانت جميعها في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، أو ما إذا كان يتوجب على المفتشين أداء عملهم في مناطق الصراع.
• أعطى بشار الأسد قائمة من 45 موقعاً لتخزين وإنتاج الأسلحة الكيميائية. كيف يمكننا التأكد من أن هذه القائمة كاملة؟
مايكل برزوسكا: بعد انضمام سورية إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، كان لدى النظام ثلاثون يوماً لمعرفة مدى ترسانته ومواقع التخزين. ولم يتم تجاوز هذه الفترة حتى الآن. بعد انقضاء هذه المدة، كلّ عضو في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يمكنه أن يطلب مواقع أخرى، ربما يتم تفتيشها من قبل المنظمة، هذا ماتمت كتابته في الفرائض. أما بالنسبة لسورية، سوف يكون تطبيق هذا الحكم أكثر صعوبةً إلى حد أن أهم الأعضاء في المنظمة – روسيا والولايات المتحدة فقط، ولكن أيضا الدول المجاورة – ليس لديهم أي مصلحة في تحدي التصريحات السورية. هذا كان قد نسف عملية التفكيك. وبالإضافة إلى ذلك، إذا كانت دولة ما تريد رغم كل شي لعب هذا البند، سوف يكون من الصعب الذهاب إلى الموقع الذي يجب فحصه في حال وجوده في منطقة من مناطق القتال.
• الأسلحة الكيميائية، هي إلى حد ما هي أسلحة الدمار الشامل في البلدان الفقيرة. سورية لديها أسلحة كيماوية منذ ثلاثين عاماً على الأقل. ما هي البلدان التي ساعدت في تكوين هذا المخزن؟
مايكل برزوسكا: كنا نشتبه دائماً بأن سورية تقوم بتصنيع الأسلحة الكيميائية. سايقاً في السبعينات، وبشكل أساسي بهدف الوصول إلى تناغم مع سرعة البرنامج النووي الإسرائيلي المزعوم. الأسلحة الكيميائية هي إلى حدّ ما أسلحة للدمار الشامل في البلدان الفقيرة. ليس هناك شك في أن سورية استفادت اساساً من التعاون مع روسيا. المرافق التي دمرت حالياً كان الفضل في تصنيعها بشكل أكيد للتقنيات وللمهندسين الروس. في ذلك الوقت، كان الاتحاد السوفياتي يمتلك برنامجاً كبيراً لتطوير الأسلحة الكيميائية. ولكن من المرجح أيضاً، أن هناك إمدادات من دول أخرى، سواء كان الأمر يتعلق بالأسلحة الكيميائية أو المعدات الإلكترونية. ربما أن هذه الدول كانت تجهل أن شحناتها ستستخدم لإنتاج الأسلحة الكيميائية. لكن كان يتوجب عليها معرفة أن إنتاج الأسلحة الكيميائية مماثل تماماً لتصنيع المنتجات الأخرى، مثل المبيدات الحشرية، على سبيل المثال. يمكننا، وبشكل جيد جداً امتلاك المصانع الكيماوية، التي صممت في البداية للاستخدام المدني، والتي استخدمت أيضاً لهدف عسكري. الفرق الكبير هو في معايير السلامة. هم أكثر صرامة بكثير في حال إنتاج الأسلحة الكيميائية للاستخدام المدني لأنها منتجات شديدة السمية. عندما يتعلق الأمر بمرافق عسكرية سرية و تكون في معظمها في مناطق محظورة شديدة المراقبة.
• لا تزال هناك بضعة أسابيع، دمشق كانت قد عزلت على الساحة الدولية، التدخل العسكري ضد مرافق النظام يبدو وشيكاً. هل العملية الحالية لتدمير الأسلحة الكيماوية تعني شيئاً سوى الانتصارالسياسي لبشار الأسد؟
مايكل برزوسكا: نعم، وإنها لمن المفارقات. لأنه في نهاية المطاف من استفاد أكثر من الهجوم الكيماوي في 21 آب كانت سورية وروسيا. سورية، لأنه قد تم قبولها من جديد من قبل الكثير من الدول الغربية كشريك حوار. ومن ثم روسيا، لأنه حتى ذلك الحين كان ينظر إليها على أنها تسير وحدها، إلا أنها أصبحت الآن عنصراً أساسياً في البحث عن حل سياسي للصراع.
• وزيرالخارجية الأمريكية، جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف يريدون أن ينظموا مؤتمراً جديداً حول سورية في منتصف تشرين الثاني. وفقا لكم, من الذي سيدعى إلى هذا المؤتمر وماذا يمكن أن نتوقع؟
مايكل برزوسكا: بالمقارنة مع الوضع في بداية هذا العام، أنا سأقول إنه لتقدم كبير أن تصر روسيا والولايات المتحدة كثيراً على تنظيم هذا المؤتمر. بالنسبة للطرفين، سيكون من الصعب جمع الممثلين المحليين إلى طاولة المفاوضات ذاتها. رفضت الحكومة السورية التعامل مع الإرهابيين. كما أن جزءاً من المعارضة السورية جعل الشرط الأولي لأي نقاش هو سقوط عائلة الأسد. على الرغم من هذا، لا تزال هناك فرصة للولايات المتحدة روسيا للضغط على اللاعبين المحليين في تكييف المساعدات الدبلوماسية، الاقتصادية أو العسكرية لمشاركتها في مؤتمر جنيف. لكنني لست متأكداً من أن هذا الضغط سيكفي لجعل كل الأطراف الفاعلة ذات الصلة تأتي إلى جنيف. وبما في ذلك مختلف الجماعات الإسلامية المتطرفة المدعومة من قطر والمملكة العربية السعودية. تملك الولايات المتحدة وسيلة غير مباشرة للضغط على حكومات هذين البلدين، لكن ومرة أخرى أقول، إنه ليس من المؤكد أن هذا سيكون كافياً لتجتمع هذه الجماعات، الحكومة السورية، والروس، والأمريكان، والأكراد، والإيرانيين، واللبنانيين، على طاولة واحدة.
• إذاً مالذي يجب القيام به في محاولة لإحلال السلام في سورية؟
مايكل برزوسكا: للأسف، التجربة تدل على أنه من الصعب تطبيق وصفة من الخارج لانهاء الصراع المسلح. يتوجب علينا في الحال، في معسكرات المتحاربين، أن نصل إلى استنتاج مفاده أن هذا الصراع لا يمكن حله بقوة السلاح. منذ سنتين ونصف، عرف الصراع مراحل مختلفة. توصل الثوار إلى أخذ الامتياز خلال الأشهر الأخيرة، وظهرت القوات الحكومية وكأنها قد استعادت وضع يدها، لدرجة أننا كنا نظن أنها يمكن أن تفوز. أنا أتمنى ان يدرك الجميع أن الدعم الدولي قوي جدا من جميع الجوانب إلى درجة أصبح معها من غير المحتمل أن هذه الحرب ستفوز بالقوة. إن وقف إطلاق النار قبل نهاية العام ما زال ممكناً، ولكن هذا لن يكون كافياً. يجب أن نصل إلى التحول السياسي من خلال الانتخابات أو تقاسم السلطة. وفي كلتا الحالتين، فإن الطريق ستكون وعرة.
اضف تعليق